lundi 3 septembre 2012


قلّي ج. اللي التقيت فيه بشارع الحمرا: مش معقول هل بلد متل المرض بياكلك من جوّا، مرض ما بدنا نصحّ منّو. مرض منتعوّدلو. تعوّدنا على اللاإستقرار وعلى النقّ. يمكن هالشي صحيح. لقى ج. طريقة ليتخلّص من هواجسو. ما منعرف بعضنا كتير بس منعرف بعضنا بشكل من الأشكال. كأنّي عم راقب من بعيد الأحداث بحياتو، وأفلامو بيحكوا شوي، بيحكوا كتير عنّو.
بتذكّر وجّ د.، المفعمة بالحياة والمعوّدة على نمط الحياة اللبنانية. هون عاشت بكل معنى الكلمة. من ضواحي باريس لـ ب.، كان في معنى لحياتها. كانت حلوة وكان بيتها هون. د. بعيدة، ممنوع ترجع لأسباب غامضة . ما رح ترقّص المغربية الصغيرة إخواتها المرضى.
كم واحد عم يتحسّر عليها؟ كلّن عرفوها هون. بسّ هون، صار كتير طبيعي أنّك تخسر حدا لدرجة أنّي بشعر أنّو د. مزتوتة بهونيك خزانة.
عاشت هون سبع سنين. عشنا إشيا سوى حتّى لو ما في شي بيجمعنا، كنّا منحكي اللغة نفسها. لغة رح تضمحلّ متل كل شي بالحياة. يمكن د. كمان عندي مزتوتة بخزانة بس أنا بحبّ الأشباح وبحبّ شوفا هون متل قبل.

اليوم الصبح، كان في هدوء على المدينة. على عكس مبارح اللي شهد مواجهات، هيك اسمعت على التلفزيون، هيك قريت على فايسبوك. بالشارع ما شفت شي. حكيت بالموضوع شوي مع ناطور البناية اللي قلّي : "الأوضاع خربانه، ما في شي بطمّن القلب هون".
ليش نحنا هون، وتنروح لوين؟
صحيح دقت طعم الغربة، بس كانت تجربة بلا نكهة. كانت باريس بدّا تتبنّاني بس بالحقيقة ما كان في شي فيّي فرنسي. من الأصل الأمور مش ظابطة بيناتنا.
وهلّأ إلي موجودة هون من زمان، القصّة ما إلها معنى.
يمكن قربي من بعض الأشخاص اللي بعزّهن أو يمكن ضياعي أو غياب الإستقرار بهالفوضى.
منحكي دايمًا عن الفوضى بالأفلام وبالتلفزيون. بالموسيقى.
الكلّ بيحكي عنها باستمرار. قلتلي ج. شوفي المدينة ما بتشبه شي أو أنّها بتشبه هاللبنانيّي المجانين.
الفوضى، جنون الكلمات اللي بتسمعها على كلّ لسان هون وهونيك.
هاللبنانييّ مجانين، جنون بيحسدنا عليه البقيّي.
التنظيم الفوضوي.
خبّرني ك. خرجي كون بطلة لتراجيديا يونانية. بسّ كلنا بالهوا سوا.
ك. خبّرني أنّي رومانسيّة، على عكسه هوّ. شغوفة وحزينة. هيدي طريقة من الطرق للاستمرار على الرغم من التراجيديا.
عم حاول إمشي بالمدينة بس الرصيف اختفى من زمان. ما بقي إلاّ كم شقفة من هون ومن هونيك. بيبقى السرفيس أفضل وسيلة للتنقّل بس اسمعت إشيا وأشايا بهل السيارات المهرغلة أنّو راسي أوقات بحسّو رح ينفجر. بتذكّر الشوفور اللي كان عمّ بقلّي "ليكي، شوفي، ما بقي حدا، الشوارع فاضية. صارت المدينة مدينة أشباح. يا ريت فيكي تتخيّلي كيف كان الوضع قبل بالطريق. صحيح، ما بقى في حدا. بس عددنا عم بزيد. وين عايشة الناس؟ وين عم تلتقى؟ من زمان اختفى وسط المدينة. مدينة مشتّتة ومقطّعة أوصالها.
مدينة عم تفضى. الفكرة مش بطّالة. خلّيها تفضى من كلّ اللي مش طايقينها. خلّيها للّي عندهن حسابات يصفّوها.
أبراج احتلّت شوي شوي المدينة. أبراج بتشبه حصن. أبراج معزولة ومحصورة. مستقلّة. كأنّها قادرة تتنقّل إذا وقع أي مشكلة. شكلها ابدًا مش بيروتي. عم تفرض علينا صورة رجل الأعمال الفاسد اللي عم يبحث عن المال السهل. تبييض أكيد. بتهيمن على المدينة وعلينا متل كائنات فضائية. يمكن بنهاية المطاف صير حبّهن للأبراج، إذا تخيّلي أنّها شي فيلم من الخيال ليش لأ. بيروت فيلم توقّعي. مدينة من المستقبل.

حلم
حلمت مبارح أنّي كنت عم بمشي لابسة تنّورة قصيرة مع سكربينة لون فضّة لروح أرقص مع الملكة إلزابيت، عمتي بحيّ الجمّيزة، حيّي. أكيد ما كنت عم بقدر أمشي بسكربينتي. التقيت بعملاق لبناني صديق حملني وأخدني بدل الرّقص مع الملكة على حانة تإتعرّف على رجال. ما في غير رجال غارقين بضوّ خافت. رفيقان مثليّان ما شفتن بينظروا إلي من دون ما يرحبوا فيّي. فجأة، بشرّف رفيقي بلبس مش محتشم مع شورت كتير قصير. بطلب منّو يغيّر تيابو فورًا، وسمع الكلمة. هلّأ، الحانات والرجال اللي موجودين بشارعي دخلوا على أحلامي. قبل، كنت إحلم عن باريس وعن شوارعها، وعن شقّتنا القديمة.
وجد ف. معنى لهالمدينة. بعد ما زارها سنة الماضية، انهوس بـ ب.، بحياتها وبرجالها اللي كان جمالهن بيفوق الطبيعة. كان الرجال ينجحوا بنظرة يأسروا قلبو. يمكن صاب ف. الإدمان على لبنان اللي بصيبنا من وقت للتاني. كان يضلّ يقلّي أنّو كان يلاقي الرجال جميلين وذكوريّين لدرجة كان الوضع بلامس العذاب. حاولت شوف اللي عم بشوفو بس ما ما قدرت. يمكن عذاب عل الحلّ، قاسي، بيظهر بنظراتو الذكورية. كنت أحسد ف. اللي كان ببلد بجسّد أروع أحلامو المثيرة. اليوم ف. بعيد، بالدائرة الـ18 بباريس، عم يتذكّر الليالي والأيّام اللبنانية. ما رح وقّف قلّو أنّي ما عم بفهمو!!!
متل ما كنت دايمًا قول لـ ر.، المدن بتشبه سكّانها. هيّ بتعكس صورتهن. كلّ شقفة بتشبه حدا هون. حدا ميّت أو حي أو التنين سوى.